إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

22‏/02‏/2011

القحمة .. والعولمة !!

كتبت الاستاذة جهير عبدالله المساعد في جريدة الرياض في عدد نشر قبل 15028 يوماً من تاريخ هذا الموضوع ما يلي :


    * هل لاحظتم...؟!
لقد نشرت جريدة "الاقتصادية" صوراً لشيوخ طاعنين في السن استحقوا ملكية منازل لهم في خيرية قطب السخاء متعدد العطاء الأمير سلطان بن عبدالعزيز في القحمة.
كما نشرت جريدة "الوطن" صورة أحدهم وهو يجلس القرفصاء منحنياً يمسك بيديه المعروقتين عصاه الناحلة، فتبدو شيخوخته جلية بين وجه مكدود وكفين يتشقق منهما الجلد المعفر بالتعب، أما انحناءة كتفيه فلا يخطئها الناظر.. ولا تعرف هل هي من جراء ثقل السنين التي تراكمت عليه، أو من جراء المعاناة التي حصدها بعد رحلة العمر المطحون بين قلة المورد... وقلة الحيلة!
هل لاحظتم البؤس الناطق في الصور وكأنه لم يجد مكاناً يحتله غير هذه الوجوه الطيبة..؟!
هل لاحظتم كيف أن للعناء والتعب جسدا له قدمان ووجه معبر وعينان لا تذرفان الدمع المستعصي بعد زمان استحلب الدموع كلها وأبقى منها بعض الاحمرار وبعض الذبول في الجفون!؟ هل لاحظتم ذلك؟! إذن... هذا ما أرادت الصحف أن تعبر من خلاله عن قيمة الحدث الكبير المتمثل في الإسكان الخيري في القحمة. وبالرغم من التوفيق الذي حالف الصحف في نشرها لهذه الصور المختارة إلا أن هذا لا يعني أن التغطية الصحفية اكتملت.. وأتحاشى شخصياً استخدام عبارة نجحت بدلاً من اكتملت، لأني لا أحب عبارات الإطناب فيما هو مفروغ منه، فلا أتوقع أن تفشل الصحف المحلية في تغطية حدث محلي كبير ورائع.. فإذا فشلت هنا... وفي هذا.. متى تنجح؟! إذن أصر على لفظ اكتملت، وأقول إن الاهتمام بنشر هذه الصور المؤثرة لا يعني أن التغطية اكتملت،... لكن لا أنسى أضيف إحقاقاً للحقيقة ان الصحف المحلية اهتمت إلى جانب الصور المؤثرة بنشر كلمات الخطب المتبادلة في المناسبة الكبيرة.. وأجرت لقاءات مع بعض المسؤولين في القحمة.. وبعض المستفيدين من الإسكان... وكلهم كانوا متشابهين في المضمون.. الرياض والجزيرة وعكاظ والاقتصادية والوطن... وأنا.. وبعد هذا أصر ان التغطية الصحفية لم تكتمل...
*** لماذا لا ينتبه الصحفيون والمراسلون الصحفيون المحليون للتفاصيل المتعلقة بمضمون الحدث نفسه، لماذا التركيز على المظاهر يطغى على مضامين الحدث وأهدافه وفحواه؟ لماذا الاهتمام ينصب على شكليات المناسبة وليس على مضمون المناسبة؟! ولماذا لا تختلف صحيفة محلية عن أخرى في هذه الشؤون التفصيلية المهمة التي هي الأساس في التغطية الصحفية الهادفة؟! مهلاً... اصبروا عليّ....
أن تهتم الصحيفة بأجواء المناسبة وبرنامجها وكلماتها وعناوينها لا غبار عليه ولا خلاف فيه، لكن ليس هذا الهدف الحقيقي من التغطية... أين مضمون الحدث نفسه؟!.... يعني لماذا القحمة بالذات؟! ما نوعية الصعوبات التي واجهت هذا المشروع الرائد من نوعه والذي لا يغيّر من حياة أفراد محتاجين، إنما يضيف لحضارة مجتمع إنجازا جديدا يرتقي بإنسان خدمته واجبة بالرغم أنه ليس من الأقوياء! ما تفاصيل الشروط اللازم توفرها حتى يحصل المستحق على حقه في هذا الإسكان الضخم المتضمن من الخدمات ما ليس موجوداً في أمهات المدن وما توفره من إسكان للفئات المختلفة ليس محلياً فقط انما على مستوى العالم، خاصة إذا تذكرنا أن الإنفاق خيري قام على كاهل "ابو البسطاء" وقطب السخاء سلطان بن عبدالعزيز...
وحين تركز الصور المنشورة في الصحف على الطاعنين في السن هل يعني هذا ان التمليك يخصهم وحدهم على اعتبار أنهم أولى بالرعاية؟! إذن لماذا لم يكن مثلاً داراً لرعاية المسنين أو ايواءً إنسانيا وحضاريا يقدم لهم الرعاية ويكفل لهم طيب الإقامة؟!! لماذا هو (100) فيللا.... ولمن؟!! وماذا عن النساء الكبيرات اللواتي بلا عائل.. هل لأنهن نساء لا حق لهن في التملك؟! وما النظام المتبع في التمليك؟! ثم هل يورث الذي امتلك السكن سكنه لورثته من بعده مادام أنه حصل عليه أثناء شيخوخته؟! والفئة الشبابية ماذا عنها وأين وجودها في القحمة؟! وكيف يُدار هذا المشروع بعد إنجازه.. من المسؤول المباشر عن استمراريته والحفاظ على مستواه في الخدمة بكامل أنواعها؟! وحين تفضل بعض الوزراء الأفاضل وتذكروا القحمة، وجاءوها للمناسبة الكبيرة يحتفلون بالمدرسة والمركز الصحي والخدمة الاجتماعية.. ما الدور الذي قدمته هذه الوزارات لهذا المشروع بالذات ولهذا المكان من قبل ومن بعد؟! باختصار.. ما الترتيبات التي أُجريت لانتقال الأفراد من العشة إلى الفيللا؟!!! مادامت الصحف ذكرت هذا العنوان أين التفاصيل، ومن هي مثلي لا تكتفي بأطراف الخبر كيف تعرف تفاصيله... وإلى من تلجأ وتسأل؟!!!
هذا ما تمنيت لو أن الصحف المحلية تناولته في تغطياتها المتشابهة... أكثر من سؤال لم يجب عليه أحد... بالرغم من أنه ليس صعباً.. لكن المشكلة أن اهتمام الصحف دائماً يتجه إلى مظاهر المشروع في الأعمال الرائدة ويترك المشروع نفسه... فلماذا تصر صحفنا العزيزة على طمس الإنجازات الوطنية الكبيرة بتغطياتها الهامشية؟! فمثل مشروع إسكان خيرية الأمير سلطان بالقحمة.. لو كان في بلد آخر.. وتناولته صحف أخرى لأبرزته وأشبعته بالتفاصيل حتى تقول للعالم هذا نحن... فلماذا لا نعرف نحن كيف نقول.. هذا نحن؟! والفرصة بين أيدينا تمر.. والممارسة الصحفية لا تتغير... إلى متى؟! سؤال ساذج لكنه يحتاج إلى إجابة!!!
***
*** إذا كانت صور كبار السن في القحمة قد أثارت الحمية فيكم وخاطبت ضمائركم.. أحب أن أقول لكم هؤلاء عينة حية لفئات أخرى يسكنون بعض المناطق في مملكتنا الممتدة.. التي تسمونها يا صحفنا العزيزة "مناطق نائية"... تقولون ولا تخجلون.. وكلنا نعرف أنها نائية لأننا لا نذهب إليها وفقط! ولكم أن تتخيلوا أنه في الوقت الذي يتبادل فيه الناس بأقاصي المعمورة عبارة ان الأرض على كبرها صارت قرية لفرط انتشار وسائل الاتصال.. نحن لازلنا نقول مناطق نائية بلا ذرة خجل! ودون أن نتذكر ان هؤلاء الطيبين الذين مهما كانوا هم ليسوا خارج فصيلتنا الوطنية... لا... ويضحكني انهم يتحدثون عن (العولمة)!! مش أول تحلون لغز "المناطق النائية" كما تسمونها!!!!!؟ قال عولمة قال.. لي معكم حديث آخر بإذن الله ليس السبت... وسلام على المخلصين

هناك تعليق واحد:

  1. تم نقل المقال للمدونة لإعجابي بما يحتوية .. رغم قدمه
    ولكن برغم السنين التي مرت .. ما زالت صحافتنا صفراء .. وما زلنا لا نعلم على أي أساس تم إعتماد توزيع الـ 100 فيلا .. ولماذا 100 فيلا ؟
    فـ يوجد من هم في فقر مدقع .. من يمتلكون بيوتاً متهالكة .. من هم في بأمس الحاجه لهذه المنازل .. وبرغم هذا وذاك لم حصلوا عليها .. وحصل عليها بعض من "علية القوم" وبعض من أصحاب "المراكز المرموقة" برغم عدم حاجتهم لها .. وبرغم سكنهم في منازلهم وجعل هذه الفلل كـ استراحة لتغيير الجو أو لإسضافة الأقارب عند الزيارات وجعل لهم منزل خاص بإقامتهم !!
    والله يعلم أن بعض هذه الفلل قد كان من المفترض أن تذهب لم يستحقها فعلاً من الأسر المعدمه والفقيرة .. إلا أنه تم "السحب عليهم" وتوزيعها على من لم يستفيدوا منها .. أو باعوها لعدم حاجتهم لها ؟
    ومن المشتري ؟ هم تلك الأسر التي كانت هذه الفلل لها في الأصل .. ودفعوا كل ما يملكون من ذهب نسائهم وسيارات عائلاتهم التي يقضون عليها حاجاتهم ويذهبون فيها بمريضهم إلى المستشفى .. وبرهن بطاقاتم ومن ثم بطاقات ضمانهم لكي يضمنوا سكناً لذويهم
    حرام عليكم .. والله حرام .. الدولة ما تقصر وقاعدة تدفع وتعمل مشاريع .. والبطانة تلعب على كيفها .. شوهتوا سمعة البلد لا بارك الله في كل ظالم

    ردحذف